ضمانات
الحرية الشخصية
التي كفلها الدستور والقانون
للقبض والتفتيش وما يترتب على مخالفتها من آثار
ضمانات الحرية الشخصية التي كفلها الدستور والقانون للقبض والتفتيش وما يترتب على مخالفتها من آثار
كتاب دوري 6 لسنة 2017
بشأن
ضمانات الحرية الشخصية
التي كفلها الدستور
والقانون
للقبض والتفتيش وما يترتب على مخالفتها من آثار
في اطار حرصنا على متابعة ما تجريه النيابة العامة من تحقيقات في قضايا
الجنايات
للوقوف على مدى التزام السادة الأعضاء بالإهتمام بها وانجازها في آجال مناسبة ،
والتصرف فيها وفق صحيح القانون ، ومراجعة الأحكام الصادرة فيها فقد تلاحظ لنا
كثرة عدد القضايا المحكوم فيها بالبراءة استنادا إلى بطلان القبض والتفتيش
.
ولما كان الدستور المصري الصادر في عام 2014 قد وضع قواعد اساسية تقرر
ضمانات عديدة لحماية الحرية الشخصية
وما يتفرع عنها من حريات وحرمات صوناً لها ، كما أجاز – في اطار التوفيق بين حق
الفرد في الحرية الشخصية وفي حرمة مسكنه وحياته الخاصة وبين حق المجتمع في عقاب
الجاني وجمع ادلة اثبات الجريمة ونسبتها اليه – تفتيش الشخص أو المسكن أو
مراقبة المحادثات التليفونية أو غير ذلك من اجراءات التحقيق وفقاً
للضمانات التي نص عليها في هذا الشأن .
فقد حرص الدستور في سبيل حماية الحريات العامة على كفالة الحرية الشخصية لاتصالها بكيان الفرد منذ وجوده حيث نصت المادة 54 / 1 منه على أنه
" الحرية الشخصية حق طبيعي ، وهى مصونة لا تُمس ، وفيما عدا حالة التلبس، لا
يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر
قضائي مسبب يستلزمه التحقيق " .
وحرص الدستور ايضا على ضمان حرمة المسكن وصون حرمته التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وصيانة حياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي اليه وهو موضع سره وسكينته فنصت المادة 58 منه على أنه
للمنازل حرمة ، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها ، ولا
تفتيشها ، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب ، يحدد المكان ،
والتوقيت ، والغرض منه ، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون ، وبالكيفية
التي ينص عليها ، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها ، واطلاعهم
على الأمر الصادر في هذا الشأن " .
كما اكد الدستور على حرمة الحياة الخاصة بموجب المادة 57 منه التي نصت على انه
" للحياة الخاصة حرمة ، وهى مصونة لا تمس . وللمراسلات البريدية ، والبرقية ،
والإلكترونية ، والمحادثات الهاتفية ، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة ، وسريتها
مكفولة ، ولا تجوز مصادرتها ، أو الاطلاع عليها ، أو رقابتها إلا بأمر قضائي
مسبب ، ولمدة محددة ، وفى الأحوال التي يبينها القانون " .
وكان من المقرر ان مخالفة قواعد القبض والتفتيش
تتضمن اهدارا لحريات الافراد من جانبين هما حرمة المسكن والحرية الشخصية لذا
ينبني عليها بطلان الاجراء وكذلك بطلان الدليل المستمد منه ( م 336 اجراءات
جنائية ) .
وقد استقر قضاء محكمة النقض في العديد من الاحكام على أن
ضمانات الحرية الشخصية التي استلزمها القانون في اجراءات القبض وتفتيش
الشخص والمسكن والاطلاع على المراسلات والمحادثات الشخصية تتعلق كلها بالنظام
العام .
لما كان ذلك وكانت النيابة العامة هي الامينة على الدعوى العمومية
وتسعى الى تحقيق موجبات القانون ، وقد خولها المشرع – بصدد التصرف في الدعوى
الجنائية – سلطة التقرير في الاوراق بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وفقا لحكم
المادة 209 من قانون الاجراءات الجنائية اذا ما توافرت اسباب ذلك سواء أكانت
اسباب قانونية او موضوعية .
وتطبيقاً لذلك
واعمالا للضمانات التي اوردها الدستور والقانون لحماية حقوق الانسان وحرياته وحرماته
ندعو الساد اعضاء النيابة العامة الى مراعاة ما يلي
أولاً : يجب العناية بتحقيق قضايا
الجنايات واستظهار أركان الجريمة وعناصرها وأدلة الثبوت او نفي الاتهام فيها ،
ومدى صحة اجراءات القبض والتفتيش التي تمت فيها ومطابقتها لأحكام الدستور
والقانون من عدمه ، والعمل على انجازها والتصرف فيها في اجال مناسبة .
ثانياً : أن الدور الإداري لرجل الشرطة
المتمثل في منع الجرائم قبل وقوعها حفظاً للأمن في البلاد ، أي الاحتياط لمنع
وقوع الجرائم ليس حقاً مطلقاً من كل قيد يباشره رجل الشرطة دون ضابط ، بل هو
مقيد في ذلك بضوابط الشرعية المقررة للعمل الاداري ، فلابد له من ان يستهدف
مصلحة عامة وان يكون له سند في القانون وان يلتزم بالحدود اللازمة لتحقيق غاية
المشرع من منحه هذه الصلاحية وان يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية
والقانونية والا وصف عمله بعدم المشروعية والانحراف بالسلطة ، ومن ثم فلا يصح
في القانون لرجل الشرطة في سبيل اداء دوره الاداري ان يستوقف أي شخص دون ان يضع
هذا الشخص نفسه موضع الشبهات بسلوك يصدر عنه اختياراً ، لأن في استيقافه
عشوائياً اهداراً لقرينة البراءة المفترضة في الكافة وينطوي على مساس بحرية
الافراد في التنقل المقررة في الدستور ، فاذا قام بهذا الاجراء دون توفر
مبرراته وقع باطلاً وما تلاه من اجراءات .
ثالثاً :
أن المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة
1972 المتعلق بضمان الحريات لا تجيز لمأمور الضبط القضائي ان يقبض على المتهم
الحاضر الا في احوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد
على ثلاثة اشهر اذا وجدت دلائل كافية على اتهامه ، وقد خولته المادة 46 / 1 من
القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجيز فيها القبض عليه قانوناً أيا
كان سبب القبض او الغرض منه .
رابعاً :
التخلي الارادي – أي طواعية واختياراً – عن الشيء المضبوط تتوافر به
حالة التلبس ، ومن ثم يكون القبض على المتهم وتفتيشه في هذه الحالة
مشروعاً ويصح أخذ المتهم بما يسفر عنه والتصرف في القضية الخاصة بإحالتها
الى المحكمة المختصة لمعاقبته عما اقترفه من جرم .
وعلى العكس من ذلك فان التخلي غير الارادي – مثل سقوط لفافة المخدر
عرضاً من المتهم – عن الشيء المضبوط لا يعتبر تخلياً عن حيازته بل يظل رغم ذلك
في حيازة المتهم القانونية فاذا قام ضابط الشرطة بتتبعه والتقاطه دون ان يتبين
ما هيته انتفت حالة التلبس التي تجيز له القبض على المتهم وتفتيشه ، ويترتب على
ذلك بطلان القبض والتفتيش .
خامساً :
اذا ثبت بطلان التفتيش وبطلان الدليل المستمد منه فان ذلك لا يحول دون
الاعتداد بالأدلة الاخرى المستقلة عن التفتيش كاعتراف تلقائي صدر عن المتهم او
شهادة او قرينة لا شأن لها بالتفتيش الباطل .
سادساً : اذا تبين من مجموع الادلة التي
توصلت اليها النيابة العامة من التحقيق ان القبض والتفتيش قد حصلا على خلاف
احكام القانون ، وانتهت من ذلك في منطق سليم الى بطلان هذا الاجراء وما تلاه من
اجراءات اخرى ، فانه يتعين على اعضاء النيابة – في سبيل ممارسة حقهم في تقدير
تلك الادلة – استبعاد كل دليل نتج عن هذا التفتيش الباطل بما في ذلك شهادة من
اجراه ، ولو لم يتم الدفع بهذا البطلان امام النيابة العامة .
سابعا ً :
اذا كانت التحقيقات قد خلت من ثمة دليل صحيح على مقارفة المتهم للجريمة
المسندة اليه
– مثل اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة – وليس بها سوى الدليل المستمد او
المترتب على الدليل الناتج عن الاجراء الباطل والذي تم استبعاده ترسل القضية
الى النيابة الكلية مشفوعة بمذكرة باقتراح التقرير في الاوراق بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية لعدم كفاية الادلة ، حيث يتولى المحامي العام اصدار الامر
المقترح .
ونحن على ثقة من فطنة السادة اعضاء النيابة العامة وحرصهم البالغ على تطبيق
الضمانات التي كفلها الدستور والقانون للتعرض للإنسان في حريته الشخصية وحرمة
مسكنه وحياته الخاصة .
والله ولي التوفيق
صدر في 29 / 3 / 2017 النائب العام
المستشار / نبيل صادق
لمتابعة
إضغط هنا ⟱⟱⟱ ثم متابعة
تعليقات
إرسال تعليق
يشرفنا متابعتكم المدونة القانونية https://alaaharoun.blogspot.com/