من روائع محكمة الجنايات
المتهم لا يلزم بتقديم أي دليل على براءته
ولا يجوز اجبار المتهم
على أن يقدم دليلا ضد نفسه
مستمداً من عينتي البول والدم المأخوذتين منه
من روائع محكمة الجنايات : المتهم لا يلزم بتقديم أي دليل على براءته ولا يجوز اجبار المتهم على أن يقدم دليلا ضد نفسه مستمداً من عينتي البول والدم المأخوذتين منه
باسم الشعب
محكمة جنايات دمنهور
الدائرة ( السابعة ) الجزائيه
المشكله علنا برئاسة معالي المستشار
سامح عبد الله محمد احمد عبد الواحد رئيس المحكمه
وعضويه السيدين الأستاذين
المستشارين / احمد محمد محمود خضر
رئيساً
/ احمد محمد محمد خليل
نائباً
وبحضور السيد الأستاذ / مازن غازي وكيل النيابة
وحضور السيد / ناصر عبد المنعم أمين السر
أصدرت الحكم الأتى
فى قضية النيابة العامة رقم 3793 لسنة 2024 وادى النطرون
والمقيدة برقم 811 كلى جنوب
ضد
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
حيث اتهمت النيابة العامة المتهم : -
لأنه في يوم 29 / 6 / 2024 بدائرة مركز وادي النطرون محافظة البحيرة
- احرز بقصد التعاطي جوهرا مخدرا " حشيش " في غير الاحوال المصرح بها قانونا .
وأحالته إلى هذه المحكمة وطالبت بعقابه طبقاً للمواد الواردة بأمر الإحالة .
وبجلسة اليوم سمعت الدعوى على النحو المبين تفصيلاً بمحضر الجلسة .
المحكمة
بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والاطلاع
على الأوراق والمداولة قانونا :
حيث إن النيابة العامة اتهمت ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
لأنه في يوم ٢٦ / ٦ / ٢٠٢٤ بدائرة مركز شرطة وادي النطرون محافظة البحيرة
أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ( الحشيش ) في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً على النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت عقابه
بالمواد ۱، ۲، ۱/۳۷، ٤۲/۱من القانون ۱۸۲
لسنة ١٩٦١ المعدل والبند رقم (٥٤) من القسم الثاني من الجدول رقم 1 والمستبدل
بقرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم ٦٠٠ لسنة ۲۰۲۳وركنت في إسنادها إلى ما شهد به شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل
الكيماوي .
فقد شهد نقيب / محمد أحمد كامل بأن
تحرياته السرية توصلت إلى قيام المتهم بحيازة المواد المخدرة في غير الأحوال
المصرح بها قانوناً وكذلك حيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص
وأنه بناء على تلك التحريات استصدر إذنا من النيابة العامة لضبط
وتفتيش شخص ومسكن وملحقات مسكن المتهم ونفاذاً لذلك الإذن قام بالقبض
على المتهم حال تواجده أمام منزله يفترش وسادة وبتفتيشه عثر بين طيات ملابسه
على شريط أقراص دوائية يشتبه في كونها أقراص مخدرة وبتفتيش مكان جلوسه عثر أسفل
الوسادة التي كان يتكئ عليها على فرد خرطوش بداخله طلقة من ذات عيار.
وحيث أنه ثبت من تقرير المعمل الكيماوي
أن الأقراص المضبوطة ليست للترامادول هيدر كلوريد أو أي من المواد المدرجة
بجدول المواد المخدرة .
كما ثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية
عدم صلاحية السلاح المضبوط للاستعمال .
وحيث إنه باستجواب المتهم بتحقيقات النيابة العامة
أنكر ما نسب إليه بشأن إحراز المواد المخدرة و السلاح والطلقة
المضبوطين بينما أقر أنه يتعاطي الحشيش وهو ما جاءت عليه نتيجة
تحليل عينتي الدم والبول الخاصتين به .
وحيث إنه بجلسة المحاكمة حضر المتهم بوكيل عنه محام وطلب براءته مما نسب
إليه من اتهام تأسيساً على
بطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية تحريات الشرطة وعدم معقولية تصوير الواقعة
وبطلان إجراءات أخذ العينة .
وحيث إن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام
عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ترى أن
الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة للتدليل على صحة الاتهام قبل المتهم قد
جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصور وآية ذلك :
أولا
: أن ضابط الواقعة قرر أنه حين قام بالقبض على المتهم الساعة الثالثة
والنصف فجراً كان الأخير يفترش الأرض أمام منزله فوق وسادة وأنه كان يحتفظ بين
طيات ملابسه - دون أن يحدد أين تحديداً - بشريط أقراص ثبت أنه لا يدخل في جدول
المواد المخدرة وأنه عثر أسفل هذه الوسادة على فرد خرطوش بداخله طلقة
ثم ثبت أنه غير صالح للاستعمال
وهي صورة تفتقر لأدنى صور المعقولية التي يمكن أن تطمئن إلى صحتها
المحكمة إذ لا يعقل أن تكون واقعة الضبط قد تمت على هذا النحو الذي صوره ضابط
الواقعة بالأوراق .
ثانياً
:
أن التحريات التي أجراها ضابط الواقعة وراقب المتهم خلالها لم تكن تحريات
جدية بالمرة ، إذ جاءت واقعة الضبط تؤكد ذلك . فلا أقراص مخدرة ، ولا سلاح صالح للاستعمال
مما يشوب إذن النيابة العامة للذي صدر بناءً على هذه التحريات بالبطلان .
ثالثاً
: أن أخذ عينتي البول والدماء من المتهم ونتيجة التحليل التي جاءت على
تعاطيه مادة الحشيش وهي الجريمة الوحيدة التي أحالته النيابة العامة بناءً
عليها إلى المحاكمة الجنائية تتشكك المحكمة في صحته للأسباب الآتية :
1-
أنه من المستقر عليه أن المتهم لا يلزم بتقديم أي دليل على براءته ، بل هي
مسئولية جهة التحقيق في المقام الأول
كما أن المشرع لا يملك أن يسن قرائن قانونية لنقل عبء الإثبات على المتهم و أن
القاعدة العامة في الإثبات تقضي بأنه لا يجوز إجبار الخصم على أن يقدم دليلاً
ضد نفسه ،
وإذ كان الأمر كذلك فإنه ومن باب أولى لا يجوز اجبار المتهم على أن يقدم
دليلا ضد نفسه مستمداً من عينتي البول والدم المأخودتين منه
والذي لا يمكن أن تتصور المحكمة أنه قدمهما حراً مختاراً راغباً في إقامة الحجة
عليه وهو ما يخالف الأصول الإجرائية التي منحت المتهم حق الانكار ، بل والكذب
أيضاً دفاعاً عن نفسه طالما لم يمس هذا الكذب غيره وذلك كله دون أن يوصم بأنه
ارتكب تغييراً للحقيقة وقد ساير قانون الإجراءات الجنائية نهج حمايته للمتهم
حتى مرحلة المحاكمة إذ يمتنع على المحكمة استجواب المتهم إلا إذا رضى هو بذلك
ومحاميه وكان الاستجواب في صالحه .
2 - أن الأوراق خلت من بيان الإجراءات التي أتبعت في شأن أخذ العينة محل
الفحص وكذلك خلت من
بيان الإجراءات التي أتبعت في فحصها وحتى ظهور نتيجتها لكي تقف المحكمة على
شرعية وصحة ما أتخذ من إجراءات .
3 - لكي يستقيم لنا مفهوم الحيارة
يتحتم علينا العودة إلى القانون الذي أرسى مفهومها وهو القانون المدني ، وهذا
الأخير يقول لنا أن الحيازة هي وضع اليد على شيء معين وضعاً مادياً مقروناً
بنية التملك وهو ما يعنى أن الحيازة في مفهومها القانوني يجب أن يتوافر لها
ركنان فأما أولهما فهو الركن المادي الذي يتكون من مجموعة الأعمال التي
يباشرها صاحب الحق على الشيء .
وأما الثاني
: فهو الركن المعنوي وهو أن تتوافر لدى الحائز نية استعمال هذا الشيء .
وإذا كان هذا هو مفهوم الحيازة
فكيف نتصور أنه ينطبق بركنيه المادي والمعنوي على ما تحتويه عينتي بول
المتهم ودمائه من آثار مخدر
بينما يكون فاقد السيطرة تماماً على تلك الآثار بما لا يمكن أن نتصور معه أن
مفهوم الحيازة بشقيها المذكورين قد توافرا في شأنه
ولا يقدح في ذلك القول بأن المتهم قد حاز المخدر في وقت سابق على الضبط
إذ أن ذلك أمراً مجهلا زماناً ومكاناً ، وتصوراً ، لا يمكن أن يقوم عليه اتهام
.
وأما عن إقرار المتهم بالتحقيقات بأنه يتعاطى مخدر الحشيش
وإن كان ذلك يمثل دليلاً مستقلاً عن الدليل الباطل أنشاء المتهم ضد نفسه إلا أن
المحكمة على الرغم من ذلك تجد لزاماً عليها بإطراح هذا الإقرار على سند من أنه
لولا الإجراءات التي تشككت المحكمة في صحتها وجيئت بالمتهم ما صدر عنه هذا
الإقرار الذي لا يمكن وصفه بأنه منبت الصلة عن هذه الإجراءات ، بل هو مشتق منها
غير معصوم عنها ولولا وقوع المقدمات الباطلة ما جاء الإقرار اللاحق حتى وإن بدا
صحيحاً الأمر الذي تخلص معه المحكمة ومن جماع ما تقدم وعملاً بالمادة
٣٠٤ / 1 من قانون الإجراءات براءة المنهم مما نسب إليه من اتهام .
والمحكمة تشير أخيراً وهي بهذا الصدد أن الاذن الصادر من النيابة العامة
بضبط وتفتيش شخص ومسكن وملحقات مسكن المتهم
وإن كان يمثل أمر تستلزمه الشرعية الإجرائية التي تملى على مأمور الضبط القضائي
أن يستصدره قبل اتخاذ مثل هذه الإجراءات وإلا وقعت باطلة إلا أنه لا يمنح ضابط
الواقعة سلطاناً مطلقاً عن رقابة محكمة الموضوع عند تنفيذ هذا الإذن لكي تقف
على صحة ومعقولية ما وقع من إجراءات .
فإذن النيابة العامة لا يمنح
مأمور الضبط القضائي " ورقة على بياض "
يسطر بها ما يمكن أن يكون بمنأى عن رقابة محكمة الموضوع ولو كان الأمر غير ذلك
لقامت الإدانة فقط وبطريقة الية على مجرد صدور هذا الإذن من النيابة العامة وهو
أمر لا يمت بصلة إلى الأسس التي تقوم عليها الأحكام الجنائية والتي ترجع في
مقامها الأول والأخير إلى محكمة الموضوع بما تملكه من سلطة تطبيق القانون وحق
في استخلاص الصورة الصحيحة الواقعة الدعوى .
فلهذه الأسباب
بعد الإطلاع على المواد سالفة الذكر.
حكمت المحكمة حضوريا / ببراءة .... ... ... مما نسب اليه من اتهام .
صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الخميس ۲۰ / فبراير / ۲۰۲۵
والموافق ۲۱
شعبان١٤٤٦ هـ
أمين السر
رئيس المحكمة
تعليقات
إرسال تعليق
يشرفنا متابعتكم المدونة القانونية https://alaaharoun.blogspot.com/