الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم
الطعن رقم ٣٢١٧ لسنة ٨٩ قضائية
الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠٢١/١١/٠٦
العنوان :
حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الموجز :
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟ مثال .
الحكم
باسم الشعب
محكمــة النقــض
دائرة السبت( هـ ) الجنائيه
الطعن رقم ٣٢١٧ لسنة ٨٩ قضائية
جلسة السبت الموافق ٦ من نوفمبر سنة ٢٠٢١
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضى / عاطف عبد السميع نائب رئيس
المحكمة
وعضوية السادة القضاة / كمال عبد اللاه ، محمد الحنفي ، وائل
الشيمي
و يوسف عبد الفتاح نواب رئيس المحكمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبها . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي
دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة تؤدي لما رتبه الحكم عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده
كافياً لتَفَهُم الواقعة بأركانها وظروفها .
(٢) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال .
(٣) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام وأخذها بالأدلة وهي على بينة
من أمرها . المجادلة في ذلك . انطواؤها على منازعة موضوعية مما تستقل بها .
(٤) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد . لها الأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما
عداه .
(٥) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى" " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغًا .
وزن أقوال الشهود والتعويل عليها . موضوعي . حد ذلك ؟
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(٦) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق
الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بعدم عرض المبلغ النقدي . تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة
على المحاكمة . لا يصلح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تـر هي حاجة
لإجرائه . غير جائز .
(٧) دفوع " الدفع بتلفيق الاتهام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب ردًا . استفادته من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم.
(٨) دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
.
نعي الطاعن على المبالغ المضبوطة معه . غير مقبول . ما دام الحكم لم يعول على
دليل مستمد منها .
(٩) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه "
.
تلاحق الإجراءات . متروك أمر تقديره للضابط . لا مخالفة فيه للقانون . عدم
جدوى النعي على التلاحق في الإجراءات . مادامت الجريمة كانت في حالة تلبس .
(١٠) وصف التهمة . محكمة النقض " سلطتها " . قصد جنائي . مواد مخدرة . نقض "
عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " " المصلحة في الطعن " .
لمحكمة النقض تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها . تجاوزها مقدار
العقوبة المقضي بها . غير جائز . علة وأساس ذلك ؟
خطأ الحكم في اعتبار أن حيازة الطاعن للمخدر بدون قصد رغم ضبطه ببيعها .
لمحكمة النقض إسباغ الوصف الصحيح واعتبارها بقصد الاتجار دون تشديد العقوبة
المقضي بها عليه . التعييب في خصوص استبعاد قصد الاتجار . غير مجد .
(١١) مواد مخدرة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق
القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة الطاعن بجريمة الإحراز المجرد لجوهر الهيروين المخدر ومعاقبته بالسجن
المشدد لمدة ست سنوات وغرامة خمسين الف جنيه رغم الإشارة إلى نص المادة ١٧
عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . أساس وعلة ذلك
؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل من :- ١ - ....... " طاعن " ، ٢ - ....... ، في
قضية الجناية رقم ...... لسنة ۲۰١٨ ثان الزقازيق ( والمقيدة بالجـدول الكلـي بـرقـم ...... لسـنة ٢٠١٨ جنوب
الزقازيق ) بأنهما في يوم ١٩ من أغسطس سنة ٢٠١٨ بدائرة قسم شرطة ثان الزقازيق
- محافظة الشرقية .
- أحرزا بقصد الاتجار جوهر الهيروين المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً
.
وأحـالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهمـا طبقاً للقيـد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمـة المذكورة قضـت حضـوريـاً في ١٧ من أكتوبر سنة ٢٠١٨ ، عملاً
بالمـواد ۱/۱
، ۲
، ۷/١ ، ٣٦ ، ۳۸/١ ، ٤٢ / ١ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠المعدل والبند رقم ٢ من القسم الأول من
الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول المعدل مع مصادرة المخدر المضبوط ،
بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريم كل منهما مبلغ خمسين ألـف
جنيـه عمـا هـو منسوب إليهما ومصادرة المخدر المضبوط . باعتبار أن الإحراز
كان بغير قصد من القصود المسماة في القانون .
فقرر المحكوم عليه الأول بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ٥ من نوفمبر
سنة ٢٠١٨ كما قرر المحامي / ....... – بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول /
...... - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في ٨ من ديسمبر سنة ٢٠١٨ .
وبذات التاريخ الأخير أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه الأول موقع عليها
من المحامي المقرر بالطعن .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبيّن بمحضر الجلسة
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الاسناد ومخالفة الثابت في الأوراق
والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يُلم بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة
وجاءت أسبابه قاصرة ، وأورد في تحصيله لواقعة الدعوى أن الواقعة كانت يوم ١٩
من أغسطس سنة ٢٠١٨ الساعة ١٢.٣٠ مساءً في حين أن الثابت من محضر الضبط وأقوال
محرره بتحقيقات النيابة أن الواقعة كانت يوم ١٩ من أغسطس سنة ٢٠١٨ الساعة
١١.٢٥ صباحاً ، كما نسب للشاهد – ضابط الواقعة – قوله أنه حال وصوله لمكان
تواجد المتهمان شاهد مع المتهم الأول – الطاعن – كيس بلاستيكي بما لا أصل له
بالأوراق إذ أن الثابت بأقواله أن الطاعن أخرج الكيس من بنطاله بعد طلب
الشاهد شراء لفافتين من المخدر وتسليمه مبلغ مالي قدره خمسين جنيهاً ، مما
يصم الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في الاسناد ، وينبئ عن عدم استقرار
الواقعة في ذهن المحكمة الاستقرار الكافي ، واجتزأ الحكم من أقوال شاهد
الإثبات فلم يورد منها ما قرره بمحضر الضبط من أنه أعطى للطاعن مبلغ خمسين
جنيهاً نظير شراء اللفافتين من المخدر ومدون عليها اسمه ، وأضفى الحكم على
الواقعة ثوب التلبس بالجريمة استنادًا إلى ذلك المبلغ النقدي المزعوم ،
وتغاضى عن أنه لم يعرض على النيابة العامة ضمن المبلغ المحرز المعروض والذي
أثبته السيد وكيل النيابة المحقق ورغم ما قام عليه دفاع الطاعن في هذا الشأن
، والتفت عن دفعه بكيدية الاتهام وتلفيقه ، استنادًا إلى الاختلاف في المبلغ
المالي بين ما تم ضبطه وما عرض على النيابة العامة ، وأخيراً فإن المحكمة
أطرحت دفاعه بالتلاحق الزمنى في الإجراءات بما لا يصلح لإطراحه استناداً إلى
سلامة الإجراءات التي قام بها ضابط الواقعة وصحتها ، دون أن تعني ببيان وجه
استدلالها على ذلك ، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده
الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها
وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، كذلك فإن
البيّن من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة
محَّصَّتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما
ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن
الحكم من قصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكان خطأ الحكم المطعون فيه في بيان
واقعة القبض على الطاعن – بفرض وقوعه – لا يعدو أن يكون خطأً مادياً لا أثر
له في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، فإن دعوى الخطأ في
الإسناد لا تكون مقبولة ، لما هو مقرر من أن الخطأ في الاسناد الذي يعيب
الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، كما أن
ما ينعاه الطاعن على الحكم من دعوى الخطأ في الإسناد لتحصيله أقوال الشاهد
بأنه حال وصوله لمكان تواجد المتهمان شاهد مع الطاعن كيس بلاستيكي ، بما لا
أصل له في أقواله بالتحقيقات ، فإنه بفرض صحته قد ورد بشأن أقوال لم تكن قوام
جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطق الحكم وسلامة
استدلاله على مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ
في الإسناد غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تُنبئ
عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى المحكوم عليه
ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهى على بينه من أمرها ، فإن مجادلتها
في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على
منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه
وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وهى في ذلك غير
ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ، فإنه لا على
المحكمة إن هي حصَّلت من أقوال شاهد الإثبات ما اطمأنت إليه منها وأقامت عليه
قضاءها بما يتفق وسائر الأدلة الأخرى التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم فإن
النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان النعي
بأن المحكمة أضفت على الواقعة ثوب التلبس بالجريمة استناداً إلى المبلغ
المالي المزعوم بأن الضابط أعطاه للطاعن نظير شراء اللفافتين من المخدر
وتغاضت عن أن ذلك المبلغ لم يعرض على النيابة العامة ضمن المبلغ المحرز ،
مردوداً بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر
العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي
إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً
مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن
أقوال الشهود وتقديره مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها
وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت
المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها
الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط
وبصحة تصويره للواقعة – بما تتوافر به حالة التلبس بالجريمة ، فإن ما يثيره
الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به
محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم عرض المبلغ النقدي
الذي استخدم في محاولة الشراء على النيابة العامة ضمن المبلغ المحرز المعروض
، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة
مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد
النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه
بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهد . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا
تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها
الحكم ، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان
البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعوّل على دليل مستمد من المبالغ
المضبوطة مع الطاعن ، فلا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الشأن . لما كان
ذلك ، وكان تلاحق الإجراءات التي قام بها الضابط – بفرض حصوله – هو أمر متروك
لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون وليس فيه ما يحمل على الشك في صحة
أقواله أو يقدح في سلامة إجراءاته ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع
الطاعن المبدى في هذا الشأن وأطرحه برد سائغ ، فإن النعي على الحكم المطعون
فيه في هذا الشأن يكون غير سديد . فضلاً إلى أن كون الجريمة في حالة تلبس –
كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة – مما لا جدوى معه ، من بعد ، من إثارة
الدفع بالتلاحق الزمني في الإجراءات . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد ما
تساند إليه من أقوال شاهد الإثبات ، وانتهى – على ما هو ثابت من مدوناته –
صحيحاً إلى أن إجراءات ضبط الواقعة حصلت سليمة وعلى نحو يتلاءم مع ماهيتها ،
فإن منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان الشارع بموجب
نص المادة ٤٣ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض لم ينه محكمة النقض عن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح
عليها ، وإنما نهاها فقط عن تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها ، حتى لا يضار
طاعن بطعنه ، بل إن القانون فرض على محكمة النقض أن تراقب صحة إضفاء محكمة
الموضوع للوصف الصحيح على الواقعة . لما كان ذلك ، وكانت واقعات الدعوى كما
أوردها الحكم المطعون فيه ، وفيما أورده من أقوال شاهد الإثبات أنه انتقل إلى
حيث يتواجد الطاعن ، على أثر معلومات باتجاره في المواد المخدرة ، وقام
بتقديم ورقة مالية له طالباً شراء مخدر ، فأخرج الطاعن لفافتين من مخدر
الهيروين من كيس بلاستيكي وقدمهما للشاهد الذي قام بإلقاء القبض عليه ، فإن
ما ورد على هذا النحو إن هي إلا عملية بيع من الطاعن وشراء من الشاهد للمادة
المخدرة المضبوطة ، لا تحمل سوى وصفاً واحداً ، وهو أن إحراز الطاعن لتلك
المادة كان بقصد الاتجار ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين
اعتبر إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان مجرداً من القصود المسماة في القانون
، فإنه يتعين على هذه المحكمة – محكمة النقض – أن ترد ذلك الوصف إلى وصفه
الصحيح ، وهو الإحراز بقصد الاتجار ، ولما كان المحكوم عليه هو الطاعن وحده –
دون النيابة العامة – فإن المحكمة لا تملك تشديد العقوبة عليه بأزيد مما قضى
به الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكانت المادة ١٧ من قانون العقوبات
تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية
أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القاضي ، ولما كان الحكم المطعون فيه إذ
أعمل حكم المادة المار بيانها في حق الطاعن دون أن يشير إلى ذلك وهو لا يعيبه
ولا يقدح في سلامته وذلك بعد أن استبعد قصد الاتجار واعتبر الطاعن محرزاً
لجوهر الهيروين المخدر مجرداً من القصود الخاصة وعاقبه بمقتضى المادة ٣٨ من
القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بعقوبة السجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة
خمسين ألف جنيه في حين أن عقوبة الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي
دين الطاعن بها المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ٣٨ لا تقل عن مائة
ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين . لما كان ذلك ،
وإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون على السياق المتقدم في شأن
عقوبة الغرامة المقررة للجريمة إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم
عليه فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار
بالطاعن وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ ، وتنوه المحكمة إلى أن الخطأ
في مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل
وبيَّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن
حدود المادة الواجب تطبيقها وهى الأمور التي لم يخطئ الحكم في تقديرها – عدا
عقوبة الغرامة على نحو ما سلف بيانه – فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة ٣٨ من
قانون مكافحة المخدرات رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ بفقرتها الأولى بدلاً من المادة ٣٨
بفقرتيها لا يبطله وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم
المطعون باستبدال المادة ٣٨ المذكورة بفقريتها بدلاً من المادة ٣٨ فقرة أولى
عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض آنف
البيان .
فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه .
تعليقات
إرسال تعليق
يشرفنا متابعتكم المدونة القانونية https://alaaharoun.blogspot.com/