إبداء الطاعن أسباباً للقضاء ببراءته أمام محكمة النقض غير مقبول
إبداء الطاعن أسباباً للقضاء ببراءته أمام محكمة النقض غير مقبول
الطعن رقم ٢٠٦٦ لسنة ٨٩ قضائية
الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠٢١/٠٦/٠٦
العنوان :
نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الموجز :
إبداء الطاعن أسباباً للقضاء ببراءته أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك
؟
القاعدة :
لما كان ما أبداه الطاعن من أسباب للقضاء ببراءته قائماً على غير ذي موضوع ؛
لأنه ليس له أن يطالب محكمة النقض بإعادة وزن عناصر وأدلة الدعوى من جديد ، إذ
أنها محكمة قانون وليست محكمة موضوع ، لأن الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر
امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصور على القضاء في صحة
الأحكام من قبل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من
طلبات وأوجه دفاع، ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التى كانت عليها
أمام محكمة الموضوع .
الحكم
باسم الشعب
محكمة النقض
دائرة الأحد ( أ ) الجنائية
الطعن رقم ٢٠٦٦ لسنة ٨٩ القضائية
جلسة الأحد الموافق ٦ من يونية سنة ٢٠٢١
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي/ حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ خالد مقلد ومحمد قنديل ومصطفى الدخميسي وأشرف كمال
المخزنجي نواب رئيس المحكمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- قتل المجني عليه الطفل / .... عمداً مع سبق الإصرار وذلك بأن بيت النية وعقد
العزم المصمم على إزهاق روحه للاستيلاء على هاتفه النقال واستدرجه لمكان قصي
حتى ما إذا اطمأن أنهما قد صارا بمأمن عن أعين الرقباء وما أن ظفر به حتى أمسك
بأداة - حجارة - وعاجله بعدة ضربات استقرت برأسه فخارت قواه وسقط أرضاً فقذفه
في مجرى مائي - مصرف مياه - وأمسك بقدميه وكمم أنفاسه وغمر وجهه في المياه
قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق
والتى أودت بحياته. وقد كان القصد من الجناية التأهب لفعل جنحة وتسهيلها
وارتكابها بالفعل ، وذلك أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان وعقب إجهازه
على المجني عليه سالف الذكر سرق المنقول المملوك له - هاتفه النقال - وكان ذلك
ليلاً على النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز آداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص - حجاره - دون أن يوجد لحملها
أو إحرازها مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة .
والمحكمة المذكورة قررت
في .. من .... سنة ٢٠١٨ وبإجماع الآراء بإحالة القضية لفضيلة مفتي الجمهورية
لإبداء الرأي الشرعي بالنسبة للمتهم وحددت جلسة .. من .... سنة ٢٠١٨ للنطق
بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء
عملاً بالمواد ٢٣٠، ٢٣١، ٢٣٤/٣، ٣١٧/ رابعاً من قانون العقوبات، والمواد ١/١،
٢٥مكرر/١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانون رقم ١٦٥ لسنة ١٩٨١
والبند رقم ٧ من الجدول رقم (١) الملحق بالقانون رقم ١٦٥ لسنة ١٩٨١ والبند رقم
٧ من الجدول رقم (١) الملحق بالقانون الأول والمعدل، والمواد ٢/١، ١١١/٢،١،
١١٦مكرر، ١٢٢/٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ المعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨
بشأن الطفل، مع إعمال المادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات
بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
في ١٨ من نوفمبر سنة ٢٠١٨، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ٢٣ من ديسمبر سنة ٢٠١٨
موقعاً عليها من الأستاذ / .... المحامي .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض بموجب مذكرة انتهت فيها
إلى
طلب إقرار الحكم الصادر بالإعدام منسوب صدورها للسيد الأستاذ / .... رئيس نيابة
.... الكلية ومؤشر عليها بما يفيد النظر من المحامي العام والمحامي العام الأول
.
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر
الجلسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــة
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه / ....
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد
مع سبق الإصرار المرتبطة بجنحة سرقة ، وإحراز آداة مما تستخدم في الاعتداء
على الأشخاص دون مقتضى
قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق
الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية الذي عول عليه في
الإدانة ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار في
حقه رغم دفاعه بانتفائهما ، ولم يستظهر رابطة السببية بين القتل والسرقة ، كما
لم يدلل على توافر علاقة السببية بين فعله ووفاة المجني عليه ، وعول على أقوال
شهود الإثبات رغم أنهم لم يروا الواقعة ولم يجزم أياً منهم بارتكابه لها ، كما
تساند إلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح أن تكون دليلاً ولا تكفي لإدانته وأن
مأمور الضبط الذي أجراها غير مختص مكانياً بإجرائها ، وقد قام دفاعه على نفي
التهمة ، وكيدية الاتهام ، وتلفيقه ، وعدم معقولية الواقعة ، وخلو الأوراق من
شاهد رؤية ، وأن الجثة التي تم تشريحها ليست للمجني عليه ، إلا أن الحكم أغفل
الرد على بعض أوجه هذا الدفاع ورد برد غير سائغ على بعضها الآخر ،
وخلص إلى طلب الحكم ببراءته استناداً إلى بطلان اعترافه ، وتأخر
الطبيب الشرعي في إعداد تقريره ، وبطلان القبض عليه لحصوله قبل صدور الإذن به ،
وعدم ضبط أسلحة أو أدوات بحوزته ، ولعدم وجود سوابق لديه ، وبطلان أمر الإحالة
لمغايرته لتاريخ حدوث الواقعة ، ولتنازل المدعي بالحقوق المدنية عن دعواه
المدنية ، كما طلب احتياطياً استعمال الرأفة ، كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه
.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن
حال سيره بالسيارة قيادته والتي يعمل عليها في نقل الركاب من مدينة .... إلى
مصيف .... مساء يوم ../../٢٠١٧ شاهد المجني عليه والذي يبلغ عمره ٢٤ يوم - شهر
واحد - ١٧ سنة حال وقوفه على الطريق وأشار له بالوقوف لرغبته في الركوب معه
لتوصيله إلى مصيف .... فاستجاب له الطاعن وعند وصوله إلى مصيف .... وطلب الأجرة
منه أبلغه بعدم وجود نقود معه وآنذاك شاهد الطاعن المجني عليه يحمل في يده هاتف
جوال فاختمرت في ذهنه سرقته منه بعد أن يقوم بقتله والتخلص منه ثم سرقة الهاتف
منه فأوهمه بقدرته على أن يجد له عمل حتى يتكسب منه واصطحبه إلى مكان قصي على
الطريق الدولي وانحرف بعه إلى طريق ترابي خالي من المارة وحال سيرهما ليلاً في
هذا الطريق التقط الطاعن قطعة حجر من الأرض وراح يكيل بها عدة ضربات على رأس
المجني عليه حتى خارت قواه وسقط أرضاً مغشياً عليه فقام بجره وألقاه في مجرى
مائي " مصرف " وأمسك بقدميه وكمم أنفاسه وغمر وجهه ورأسه في المياه وظل ضاغطاً
عليها حتى أيقن إزهاق روحه وأصابه بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياته ثم قام بسرقة الهاتف المحمول ولاذ بالفرار من مسرح الجريمة
إلا أنه تم ضبطه وبحوزته الهاتف الذي تم سرقته .
وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتب عليها مستمدة من
أقوال شهود الإثبات ، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية ، وإقرار الطاعن
بتحقيقات النيابة العامة وخلص الحكم إلى إدانة الطاعن لارتكابه جريمة
القتل العمد مع سبق الإصرار التي كان القصد منها ارتكاب جنحة السرقة وأنزل عليه
العقاب المنصوص عليه في المواد ٢٣٠، ٢٣١، ٢٣٤/٣، ٣١٧/٤ من قانون العقوبات .
لما كان ذلك
وكان الحكم
قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به أن إصابة المجني عليه
بالرأس رضية حيوية حديثة تنشأ من مصادمة متكررة بجسم أو أجسام راضة أياً كانت
ولا يوجد فنياً ما يتنافى وإمكانية حدوث الواقعة وفق اعتراف المتهم الوارد
بمذكرة النيابة العامة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث وتُعزى الوفاة إلى إصابته
سالفة الذكر بما أدت إليه من كسور بعظام الجمجمة ومما صاحب ذلك من نزيف بالمخ
وصدمة، فإن هذا الذي أورده الحكم يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ٣١٠
من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم
الصادر بالإدانة، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير
الخبير بكامل أجزائه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا
يكون له محل .
لما كان ذلك
وكان من المقرر
أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة
بالدعوى والآمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في
صدره ، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ،
وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل في قوله "... لما كان الثابت من الأدلة
التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن المتهم وعقب وصوله إلى مصيف .... وطلب الأجرة
من المجني عليه إلا أن الأخير لم يدفع له مقابل ركوبه بالسيارة لعدم وجود ثمة
مبالغ نقدية معه وعلى إثر مشاهدة المتهم للهاتف الخلوي في يده وأعجبه هذا
الهاتف فقرر التخلص من المجنى عليه واختمرت في ذهنه هذه الفكرة فاستدرجه إلى
مكان ناءٍ بعيد عن الأعين وظل مرافقاً له بحجة الاتصال بآخرين لتوفير فرصة عمل
له بعد أن علم منه بحاجته للعمل حتى وقت متأخر من الليل على طريق ترابي ناحية
.... وعندما وجد الفرصة سانحة أمامه قام بالاعتداء عليه بالضرب بحجر أسمنتى على
رأسه عدة ضربات حتى خارت قواه وسقط أرضاً مغشياً عليه فاقداً الوعي وآنذاك قام
بسحبه وأحكم وثاقه وقام بغمر رأسه ووجه في المياه وظل ضاغطاً عليها بداخل مصرف
للمياه حتى أيقن تماماً وفاته ثم استولى على هاتفه الجوال ولاذ بالفرار الأمر
الذي يكشف عن انتوائه إزهاق روحه إذ تعدد الضربات برأس المجنى عليه وهو مكان
قاتل واستخدام أداة قطعة حجر أسمنتى وهي قاتلة وتعمد غمر رأسه ووجه بمياه
المصرف وظل ضاغطاً عليها حتى أيقن وفاته كل ذلك يدل على توافر نية القتل لدى
المتهم ومن ثم يكون قد توافر القصد الخاص لديه، ومن ثم يكون ما تساند عليه
الدفاع الحاضر مع المتهم من انتفاء نية القتل قد جاء على غير سند صحيح من
القانون والواقع متعيناً رفضه ". وإذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كاف
وسائغ في إثبات توافر نية القتل لدى الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون
غير سديد .
لما كان ذلك
وكان الحكم المطعون فيه قد
عرض لتوافر ظرف سبق الإصرار وأثبت توافره في حق الطاعن بقوله ".... لما كان
المتهم قبل الإقدام على فعلته قد أمعن الفكر وتدبر ورسم خطته لتنفيذ جريمته
وبعد أن أحكم العقل في هدوء وروية ذلك أن هناك وقتاً طويلاً قد امتد منذ وصول
المتهم إلى مصيف .... وتقابله مع المجني عليه ومطالبته الأجرة وحتى تمام تنفيذ
الجريمة في الساعة الثانية عشر مساءاً بدءاً من محاورته وعرضه عليه التوسط
لإيجاد فرصة عمل له لدى آخرين وإجرائه بعض المكالمات الهاتفية ثم اقتياده إلى
مكان ناء بعيداً عن أعين المارة وهو طريق ترابي بناحية .... ثم مطالبته للمجنى
عليه بحمل بعض الأخشاب من السيارة ووضعها في مكان ما ثم مغافلته وضربه على رأسه
بقطعة حجر عدة ضربات حتى خارت قواه العقلية ثم سقط أرضاً وإحكام وثاقه من ساقيه
ثم سحبه وإلقائه في مياه مصرف ووضع رأسه بالمياه والضغط عليها ولم يتركه حتى
تأكد من وفاته مما يؤكد معه توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهم ويكون ما تساند
إليه الدفاع الحاضر مع المتهم من انتفاء ظرف سبق الإصرار في غير محله متعيناً
رفضه ".
لما كان ذلك
وكان من المقرر
أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف
الدعوى وعناصرها ما دام أن موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع
ذلك الاستنتاج ، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - يكفي في الكشف عن
توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن
ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له
.
لما كان ذلك
وكان من المقرر
أن ظرف الارتباط بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وبين جريمة السرقة
يتوافر متى كان القتل قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة
٢٣٤ من قانون العقوبات وهو التأهب لفعل الجنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها
بالفعل ، وكان البين من واقعة الدعوى وظروفها وأدلتها - كما حصلها الحكم - أن
الطاعن قد قارف فعل قتل المجني عليه بقصد سرقة هاتفه الجوال ، فإن القتل يكون
قد وقع بقصد السرقة، ومن ثم يتوافر في حقه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار
المرتبط بجنحة سرقة ، هذا فضلاً عن عدم جدوى النعي على الحكم في هذا الصدد ما
دامت العقوبة التى نص عليها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد
مع سبق الإصرار التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشار إليه ، ويضحى النعي
على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن
علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني
وترتبط من الناحية المعنوية بما يوجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله
، إذا ما آتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها
، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام
قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه نقل
عن تقرير الصفة التشريحية " أن إصابة المجني عليه بالرأس رضية حيوية حديثة تنشأ
من مصادمة متكررة بجسم أو أجسام راضة أياً كانت ولا يوجد فنياً ما يتنافى
وإمكانية حدوث الواقعة وفق اعتراف المتهم الوارد بمذكرة النيابة العامة وفي
تاريخ يتفق وتاريخ الحادث وتُعزى الوفاة إلى إصابته سالفة الذكر بما أدت إليه
من كسور بعظام الجمجمة وما صاحب ذلك من نزيف بالمخ وصدمة " فإنه يكون قد بين
إصابة المجني عليه ، واستظهر علاقة السببية بين تلك الإصابة التي أوردها تقرير
الصفة التشريحية وبين وفاته ، ولا ينقص من ذلك ما ورد بتقرير الصفة التشريحية
بأن وفاة المجني عليه تُعزى للإصابات التي لحقت برأسه وليس بأسفسكيا الغرق،
وذلك لما هو مقرر من أن القصد الجنائي في القتل وإن تطلب توقع الجاني علاقة
السببية بين فعله والوفاة غير أن الغلط في هذه العلاقة لا ينفي هذا القصد، فإن
توقع الجانى أن تحدث وفاة المجني عليه بوسيلة معينة فإذا بها تحدث بوسيلة
مختلفة فإن القصد الجنائي يظل متوافراً لديه ، ذلك أن القانون لا يتطلب في
القتل تسلسلاً سببياً بل إنه يضع على قدم المساواة جميع الوسائل التي تؤدي إلى
القتل طالما توافرت علاقة السببية بين فعل الجاني والوفاة، ومن ثم فإن ما ينعاه
الطاعن بشأن قصور الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على
أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهى متى
أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع
لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على
الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها، بل يكفي أن يكون من شأن تلك
الشهادة أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به
ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها، وكان
لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع
في كل جزئية من جزئيات الدعوى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة
ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة
دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده
الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ولما كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره
الطاعن من منازعة حول أقوال الشهود والتشكيك في القوة التدليلية لها ينحل إلى
جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، وهو ما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من
المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع، وأن للمحكمة متى
اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها
باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، فإن منعى الطاعن في هذا يكون غير
قويم ، ويتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يُقبل إثارته أمام محكمة
النقض . هذا إلى أن الحكم عرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه برد
سائغ .
لما كان ذلك
وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة
أن الطاعن لم يثر أن الضابط غير مختص محلياً بإجراء التحريات حول الواقعة، فإنه
لا يُقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن
الدفع بنفي التهمة ، وكيدية الاتهام ، وتلفيقه ، وعدم معقولية تصوير الواقعة من
أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد
مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم
.
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن
القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود
رؤيا أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة عن تلك الجريمة
من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن
تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو
شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ولا على الحكم
إن لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم
بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
عرض لدفاع الطاعن القائم على التشكيك في أن الجثة للمجنى عليه ورد عليه بقوله "
وحيث أنه يجدر بالمحكمة أن تشير إلى أن والدة المجني عليه - شاهدة الإثبات
الرابعة - قد تعرفت عليه وقدمت شهادة ميلاده ، كما أن الجثة التي تم تشريحها
ومناظرتها بمعرفة النيابة العامة هي لذات الشخص المجني عليه الذي قام المتهم
بالتعدي عليه وقتله وإلقاء جثته في مصرف المياة، ومن ثم يضحى ما ينازع فيه
الدفاع الحاضر مع المتهم في هذا الشأن في غير محله متعيناً رفضه " .
لما كان ذلك
وكان الحكم
قد دلل على ثبوت واقعة القتل تدليلاً كافياً ، كما بين الظروف التي وقعت فيها
والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعن، وهي أدلة لها معينها
الصحيح من الأوراق، وكان ما قاله بشأن استدلاله على أن الجثة للمجني عليه - على
السياق المتقدم - كافياً وسائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه، فإن ما يثيره
الطاعن من منازعة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة
الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أبداه
الطاعن من أسباب للقضاء ببراءته قائماً على غير ذي موضوع، لأنه ليس له أن يطالب
محكمة النقض بإعادة وزن عناصر وأدلة الدعوى من جديد إذ أنها محكمة قانون وليست
محكمة موضوع، لأن الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو
خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصور على القضاء في صحة الأحكام من قبل أخذها أو
عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع، ولا تنظر
محكمة النقض القضية إلا بالحالة التى كانت عليها أمام محكمة الموضوع. لما كان
ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً .
ثانياً : عرض النيابة العامة للقضية : ـــ
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً
بنص المادة ٤٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون
رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم
المعروض فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه " .... " وذلك دون إثبات
تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه أنه قد روعى فيه عرض القضية في ميعاد الستين
يوماً المبينة بالمادة ٣٤ من ذلك القانون، كما أن البين منها أنها موقع عليها
بتوقيع غير واضح يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه إلا أنها تحمل ما يشير إلى
صدورها من الأستاذ/ .... رئيس نيابة .... الكلية، فضلاً عن أنها تتحمل تأشيرتين
بالنظر موقعتين بتوقيعين لا يقرأ ويستحيل معهما معرفة صاحبهما يحملان إلى ما
يشير صدورهما من المحامي العام، والمحامي العام الأول، إلا أنه لما كان تجاوز
هذا الميعاد وعدم التوقيع على المذكرة بتوقيع مقروء لمحام عام على الأقل وفقاً
للتعديل الوارد على المادة سالفة البيان بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ المعمول به
من أول أكتوبر سنة ٢٠٠٧ - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم
قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها
لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته
النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون
عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته موقعاً عليها من محام عام بتوقيع
مقروء أو غير موقع عليها أصلاً ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه
القضية .
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمتين اللتين دان بهما المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتهما في حقه
أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها
- على ما سلف بيانه في معرض التصدي للأوجه المقدمة من المحكوم عليه -.
لما كان ذلك
وكان البين من الاطلاع
على محاضر جلسات المحاكمة أن الأستاذ / .... المحامي الموكل عن المتهم قد حضر
المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليه، وكان من المقرر وجوب حضور محام مع
المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه ، وكانت المادة ٣٧٧ من
قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة
الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة
الجنايات، وكان يبين من كتاب نيابة النقض الجنائي - المرفق بالأوراق - أن
المحامي الذي تولى الدفاع عن المحكوم عليه مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض في
سنة ٢٠١٦ ، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت وفق صحيح القانون. لما كان
ذلك، وكان القانون لم يرسم للدفاع خططاً معينة، لأنه لم يشأ أن يوجب على
المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته
واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما
تهديه إليه خبرته، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن محامياً موكلاً
ترافع في موضوع الدعوى عن المحكوم عليه وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذه
المحاضر، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع، ومن ثم فإن الحكم المعروض يكون قد
سلم من الإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد .
لما كان ذلك
وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة
أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة
أمرت بتلاوتها وتُليت، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع
شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول
عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما
دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة، فإن شبهة البطلان في
الإجراءات لعدم سماع شهود الإثبات تكون منتفية. لما كان ذلك، وكان يبين من
الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات في
التحقيقات له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، ومن ثم يكون الحكم المعروض بمنأى
عن قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المعروض في بيان
مضمون اعتراف المحكوم عليه كافياً ودقيقاً كما استوجبه الشارع في المادة ٣١٠ من
قانون الإجراءات الجنائية من بيان مضمون الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر
بالإدانة ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد برأ من شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك،
وكان لا يعيب استدلال الحكم باعتراف المتهم بالتحقيقات أن محاميه ادعى بجلسات
تجديد الحبس الاحتياطي ببطلان اعترافه، ذلك بأنه ساق القول بذلك مرسلاً فلم
يؤيده بدليل ولم يبين وجه الإكراه المدعى به ، وأن كل ما يمكن أن تنصرف إليه
هذه العبارة هو التشكيك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل
المحكمة عليه، مما تكون معه المحكمة في حل من الالتفات إليه. لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته او الرد عليه هو الطلب
الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته
الختامية ، وكان ما أُثبت على لسان المدافع عن المتهم في محاضر جلسة تجديد حبسه
أمام قاضي المعارضات من أنه يطلب عرضه على الطب الشرعي لإثبات ما به من إصابات
نتيجة التعذيب ولم يتمسك به أمام محكمة الموضوع، كما أن البين من مطالعة محاضر
جلسات المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة
../../٢٠١٨ استدعاء كبير الأطباء الشرعيين وضم التقرير الخاص بالبصمة الوراثية
إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في ختام مرافعته والتي اقتصر فيها على
طلب البراءة ، ولما كانت تلك الطلبات بهذا النحو غير جازمة ولم يصر عليها
الدفاع في ختام مرافعته ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن تلك
الطلبات وأغفلت الرد عليها ، فإن ما يثار من دعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا
الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق
أقوال الشهود واعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التى وصلت
إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي
غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق ، وإذ
كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني - تقرير
الصفة التشريحية - الذي عول عليه بل يتلاءم معه، فإن الحكم يكون فوق تطبيقه
القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي
والفني ، ومن ثم يكون بمنأى عن الفساد في الاستدلال، هذا إلى أن الحكم المعروض
قد عرض لما آثاره المدافع عن المتهم في هذا الشأن وأطرحه برد كاف له أصله
الثابت في الأوراق، ومن ثم فإن الحكم يكون قد سلم من القصور في هذا الخصوص.
لمال كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحكمة بتاريخ ../../٢٠١٨ ، أن المدافع
عن المتهم قد آثار دفاعاً مؤداه أن المتهم مصاب بآفة عقلية، فأحالته المحكمة
إلى مستشفى الصحة النفسية والعقلية للوقوف على حالته العقلية وقت ارتكاب
الواقعة ، وورد تقرير المستشفى وأفاد بأن المتهم لا يعاني في الوقت الحالى أو
وقت حدوث الواقعة محل الاتهام من أي أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي
وهو سليم الإدراك والتمييز وقادر على الحكم السليم على الأمور ويعتبر مسئولاً
عما أسند إليه من اتهام، فلا على المحكمة إن هي لم تعرض لدفاعه في هذا الشأن
بعد أن اطمأنت إلى حالته العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى
الصحة النفسية والعقلية الذي يفي بالرد على ما أُثير في الأوراق من شبهة أن
يكون المتهم قد ارتكب جريمته تحت تأثير عاهة في العقل أو مرض نفسي ، ويكون
الحكم المعروض بمنأى عن القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان
المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة
السائغة التي أوردتها، وكانت المحكمة في الدعوى الراهنة قد اقتنعت بناءً على
الأدلة السائغة التي أوردتها بأن الضبط والتفتيش تما بناء على إذن النيابة
العامة ، فإن الحكم المعروض يكون قد سلم من القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك،
وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن
مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير
الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتقرير الصفة
التشريحية، والتفتت في حدود سلطتها التقديرية عن ما ساقه الدفاع عن المحكوم
عليه من مطاعن حول هذا التقرير، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة
النقض. لما كان ذلك، وكانت الآداة المستعملة في القتل لا تعدو أن تكون حجر
أسمنتي، وكان من المقرر أن آلة القتل ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة، فإن
عدم ضبطها لا يؤثر في قيام الجريمة ولا ينال من أدلتها القائمة في الدعوى ، فإن
ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
لما كان ذلك
وكان ما يثيره المحكوم عليه
من أنه ليس لديه سوابق - بفرض ثبوته - فإنه لا يعفي من المسئولية الجنائية ولا
أثر له على قيام الجريمة .
لما كان ذلك
وكان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات
أن المدافع عن المحكوم عليه لم يثر بها أن تاريخ الواقعة الذي قال به شهود
الإثبات يختلف مع التاريخ الثابت بأمر الإحالة، وكانت هذه الأمور التي ينازع
فيها لا تعدو أن تكون دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة
الموضوع، لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة
النقض .
فضلاً أن الخطأ في تاريخ الواقعة - بفرض حصوله - لا يؤثر في سلامة الحكم ما
دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دام المتهم لم يدع أن
الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ترك
الدعوى المدنية أو التنازل عنها وفقاً لنص المادة ٢٦٠ من قانون الإجراءات
الجنائية لا يؤثر على الدعوى الجنائية ، ومن ثم تظل الدعوى الجنائية قائمة وعلى
المحكمة الجنائية الفصل فيها، فضلاً أنه لا يعيب الحكم التفاته عن إقرار والدة
المجني عليه بالتنازل عن دعواها المدنية ، إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً مما
يدخل في تقدير محكمة الموضوع وفي عدم تعرضها له ما يفيد دلالة اطراحه. لما كان
ذلك، وكان تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من
إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها
أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته، لما كان ذلك، وكانت العقوبة التي أنزلها
الحكم المعروض بالمحكوم عليه تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التى دانه
من أجلها، وكان ليس في القانون ما يلزم المحكمة أن تتقيد بتطبيق المادة ١٧ من
قانون العقوبات، فإن الحكم لا يكون معيباً في هذا الشأن .
لما كان ذلك
وكان الثابت من الحكم المعروض أن المحكمة أشارت إلى نصوص المواد ٢٣٠، ٢٣١، ٢٣٤/٣، ٣١٧/ رابعاً من قانون العقوبات، والمواد ١/١، ٢٥مكرر/أ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانون رقم ١٦٥ لسنة ١٩٨١ والبند رقم (٧) من الجدول رقم (١) الملحق بالقانون الأول والمعدل، والمواد ٢/١، ١١١/٢،١، ١١٦مكرر ، ١٢٢/٢ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ المعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨ بشأن الطفل ، مع إعمال نص المادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات - التي أخذ المحكوم عليه بها - فإن ذلك يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون ، ومن ثم يكون الحكم المعروض بمنأى عن البطلان .
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة
الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه
على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً
لذلك ، فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة
في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها ، وإذ كان الثابت من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن المحكوم عليه لم يطلب إعادة
إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته ، فإن الحكم المعروض يكون قد سلم بذلك
من قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يستوجب
توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على ورقته ، ويكفي توقيع رئيسها
وكاتب الجلسة طبقاً لنص المادة ٣١٢ من قانون الإجراءات الجنائية، فضلاً عن أنه
من المقرر بأنه لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم
على مسودته ، بل يكفي أن يُحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ولا يوجب
القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم، إلا
إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بنص المادة ١٧٠ من قانون المرافعات
المدنية، ولما كان المحكوم عليه لا يماري في أن رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة
في الدعوى واشتركت في المداولة هو الذي وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان
البين من مطالعة الحكم المعروض ومحاضر جلساته أن الحكم تُلي من ذات الهيئة التي
استمعت للمرافعة واشتركت في المداولة ، فإن الحكم يكون قد سلم من البطلان .
لما كان ذلك
وكانت المادة ٣٨١ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على محكمة
الجنايات
أخذ رأي المفتي قبل أن تصدر حكمها بالإعدام ، وكان الثابت من الأوراق أن
المحكمة قررت بجلسة ../../٢٠١٨ إرسال الأوراق إلى مفتي الجمهورية لأخذ رأيه،
وكان البين من مدونات الحكم المعروض أنه أورد مؤدى تقرير مفتي الجمهورية، وكان
القصد من إيجاب رأي المفتي هو إظهار أن المحكمة لم تصدر حكمها بالإعدام إلا بعد
أن وقفت على حكم الشرع في القضية، إلا أنه ليس في القانون ما يوجب على المحكمة
أن تبين رأي المفتي أو تفنده، ومن ثم يكون الحكم المعروض قد اتبع ما
أوجبه القانون في مثل هذه الأحوال .
لما كان ذلك
وكانت المادة ٣٨١ من قانون الإجراءات الجنائية
قد أوجبت على محكمة الجنايات ألا تصدر حكمها بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها،
وكان البين من الحكم المعروض أنه صدر بإجماع الآراء، فإن المحكمة تكون قد أعملت
ما يقضي به القانون .
لما كان ذلك
وكان قانون العقوبات قد نص على
طريقة واحدة للإعدام وهي الإعدام شنقاً، فيكفي أن ينص في الحكم على نوع العقوبة
التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فأمر زائد على الحكم ،
والمرجع فيه إلى النصوص الخاصة ببيان المعنى القانوني لكل عقوبة من العقوبات
وطريقة تنفيذ كل منها، ومن ثم فإن النص في الحكم على تنفيذ الحكم بالإعدام
شنقاً هو تزيد لا يضير الحكم ولا يؤثر في سلامته .
لما كان ما تقدم
وكان الحكم المعروض
قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين
دان المحكوم عليه بالإعدام بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة في العقل
والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها،
وتمت إجراءات المحاكمة وفقاً لصحيح القانون ، وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه
بإجماع آراء قضاة المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً
بالمادة ٣٨١/٢ من قانون الإجراءات الجنائية ،
وقد خلا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وصدر من محكمة
مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري
على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة
الخامسة من قانون العقوبات باعتباره أصلح له ، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم
الصادر بإعدام المحكوم عليه / .....
تعليقات
إرسال تعليق
يشرفنا متابعتكم المدونة القانونية https://alaaharoun.blogspot.com/